نـهـضــــة وطــــن

نهضاوية

نهضة وطن

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا



إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المتابعون

بحث هذه المدونة الإلكترونية

٢٠٠٧/١٠/١٩

يتفق عدد من المحللين الإسرائيليين علي أن التفكير الاستراتيجي يري أن التهديد الأكبر لإسرائيل ولوجودها‏,‏ أصبح يمثله أي احتمال لتحديث الدول العربية‏ ، وإن القوة العسكرية لم تعد وحدها الحاسمة في وضع ميزان القوي الذي يعدله في ظروف هذا العصر‏,‏ نهضة للتقدم ‏ اقتصاديا‏, ويصحب هذا بالطبع تغيير داخلي في التنمية البشرية‏,‏ والرقي بالإنسان ومهاراته وأدائه‏,‏ بدءا بثورة في النظام التعليمي وسياسيا بالإصلاح السياسي‏,‏ وبمشاركة ديمقراطية من الشعوب في القرار السياسي‏.‏



بعض الكتاب الإسرائيليين كانوا قد أرجعوا أحد الأسباب الرئيسية لقبول إسرائيل عملية السلام....................... إلي ما ظهر عقب التحولات الدولية‏1989,‏ وزوال الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الشمولي ‏1991,‏


وبدء عصر جديد أساسه وفلسفته الديمقراطية‏,‏ من أن هناك احتمالا في أن يتماشي مع ذلك التغيير الداخلي الكبير في العالم العربي وتحديثه‏.‏



ولما كانت عناصر الاستمرارية والثبات في التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي هي الغالبة علي عوامل التغيير‏,‏ بالنظر إلي ما يحكم هذه الاستراتيجية من معتقدات أيديولوجية مترسخة في المشروع الصهيوني التوسعي بعد إقامة دولة إسرائيل‏,‏ فإن معظم مبادراتها للحرب والسلام كانت تعكس هذه الاستمرارية‏,‏ ابتداء من مقولة بن جوريون أننا لسنا مستعدين للسلام قبل إتمام أهداف إسرائيل من قيامها‏,


‏ وأيضا ما قاله شارون " من أن حرب‏48‏ لم تنته بعد"‏.‏


لهذا نجد أن ما يمارس من سياسات مع تنوع الحكومات‏,‏ خاصة منذ انقلاب نيتانياهو علي عملية السلام عام‏1996,‏ ومرورا بباراك وشارون ثم أولمرت‏,‏ كله ممتد إلي أصل الفكر الاستراتيجي لقيام الدولة اليهودية‏,‏ وما بعد قيامها‏,‏ والذي ظل ينظر إلي التقدم وتحديث الدول العربية علي أنه هو التهديد الحقيقي والخطر الفعلي‏,‏ وهو تفكير متأصل في المشروع الصهيوني لقيام الدولة‏.‏وهذا كله يصبح أكثر وضوحا حين ننظر إليه من خلال رؤية معاصرة صاحبها شلومو بن آمي وزير خارجية إسرائيل الأسبق‏,‏ الذي يشرح هذا التفكير الاستراتيجي في كتابه الذي صدر منذ عام بعنوان ندوب الحرب وجراح السلام‏:‏ التراجيديا العربية الإسرائيلية‏.‏وفي كتابه يرجع بن آمي أسباب الهجوم الإسرائيلي علي مصر في يونيو‏67‏ إلي الخوف من أن ينجح عبدالناصر في تحديث العالم العربي‏.‏
ويقول بن آمي في كتابه‏:‏ بالرغم من شكوي إسرائيل من أن تخلف المجتمعات العربية هو سبب عدم قدرتها علي إقامة سلام مع إسرائيل‏,‏ فإنه كان يوجد تحت السطح في إسرائيل تيار خفي من الارتياح لهذه الحالة العربية‏,‏ وتخوف مستتر من احتمال نجاح العالم العربي في التحديث‏.‏
وبن جوريون نفسه اعترف في مذكراته قبيل حرب‏67‏ بقوله‏:‏ كنت دائما خائفا من إمكان ظهور شخصية بين الحكام العرب مثل أتاتورك الذي استطاع بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولي إيقاظ روح شعبه‏,‏ وتغيير الشخصية التركية‏,‏ وتحويلها إلي دولة متقدمة‏.‏كانت الحسابات الإسرائيلية تضع علي قمة أسباب قلقها تجاه ميزان القوي بينها وبين الدول العربية‏,‏ أن تشهد هذه الدول عملية تحديث‏,‏ ونهضة‏,‏ وتقدما سياسيا واجتماعيا واقتصاديا يكون من شأنه تعديل ميزان القوي لغير مصلحة إسرائيل‏.‏
صحيح أن حرصها علي رجحان كفتها عسكريا هو الشغل الشاغل لها‏,‏ لكن لم يغب عن تقديراتها دائما أن تحديث الدول العربية بمقاييس العصر هو الذي يمثل العنصر الأكثر خطورة علي المدي الطويل‏,‏ الذي قد يقلب ميزان المواجهة بين الجانبين سلما أو حربا‏.‏إلا أن الحسابات الاستراتيجية الإسرائيلية وجدت أن مخاوفها وتوقعاتها لم تتحقق في المرتين‏,‏ مرة قبيل عام‏1967‏ حيث كان النظام السياسي يحمل عوامل ضعفه ذاتيا‏,‏ وكان ما به من عناصر قوة يقابلها ويتصادم معها ما به من عناصر ضعف‏.
‏فعبد الناصر من ناحية لديه مشروع وطني نجح في إيقاظ وحشد الحس الجماهيري‏,‏ وإشاعة اقتناع عام بالحلم القومي‏,‏ وجعل الجماهير تعيش حلمها الذي يصور لها الغد آتيا ومعه القوة والتقدم والازدهار‏.‏وفي المقابل كان النظام السياسي يفتقد الأساس المتين الذي يرتكز عليه ويحميه من أي هزات أو انتكاسات‏,‏ وهو الديمقراطية.
‏والمرة الثانية التي لم تتحقق فيها مخاوف إسرائيل كانت عقب تحولات النظام الدولي عام‏89,‏ والخوف من إمساك الدول العربية بمفاتيح العصر الذي تغير‏,‏ وبأن الديمقراطية لم تعد فقط شكل نظام حكم‏,‏ بل هي بوابة الدخول إلي التنمية والقدرة الاقتصادية التنافسية‏,‏ وصنع مكانة الدولة ونفوذها إقليميا ودوليا‏.‏وتبقي العلاقة مع إسرائيل المتأرجحة من جانبها مرة بقبول عملية السلام‏,‏ ومرات بالخروج عليها‏,‏ ومحاولات التملص منها‏,‏ أسيرة ميزان القوي بين الجانبين‏,‏ والذي يحكمه ويحسم وضع كفتيه‏,‏ القدرة الذاتية‏,‏ عن طريق تحديث الدول العربية في جميع مجالات وقطاعات الحياة‏.‏

ما الذي يعدل ميزان القوي مع إسرائيل؟بقلم : عاطف الغمري

0 comments: